وكما أدخل الحاسوب والإنترنت خدمات وتسهيلات ومعارف بل ومصطلحات جديدة فقد أعطيا عالم الجريمة أبعادا جديدة، فصار من الممكن ارتكاب جريمة اختلاس أو سرقة أو تزوير عن بعد، وأصبحت وسائل الأمن والحماية المحسوسة من حراسات وصناديق حفظ وأماكن تخزين لا تكفي وحدها لحماية المعلومات من اللصوص. وظهر مصطلح (Cybercrime) الذي يعني الجرائم التي ترتكب باستخدام الحاسوب وشبكة الإنترنت. وقد وصل الأمر إلى أن الحكومة الأمريكية أطلقت في فبراير 2003م مبــادرة لحمايـــة المجـــال المعلوماتي (Cyberspace) القــــومي الأمــريكي أسمتهــا (National Strategy to Secure Cyberspace)([1])، و قـــد حــذا عدد مـــن الدول حذوها. ومما ينبغي ذكره في هذا المقام أن من المشروعات المقترحة في الخطة الوطنية لتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية مشروع إنشاء مركز وطني لأمن المعلومات، ومشروع إنشاء وحدة خاصة للمتابعة والتحقيق في المخالفات المتعلقة بأمن المعلومات([2]).
ولإعطاء القارئ الكريم نبذة عن أشكال الجرائم التي يمكن ارتكابها في عالم المعلومات نسوق القصص الحقيقية التالية:
* اخترق شاب روسي شبكة شــركة (CD Universe) في عــام 1999م وسرق منــها معلومات 300.000 بطاقة ائتمان تخص زبائن الشركة، وطلب فدية قدرها 100.000 دولار . ولما تلكأت الشركة عــن الـدفــع قــام بنشر المعلومــات عــن هـــذه
البطاقات على شبكة الإنترنت([3]).
* في أغسطس من عــام 2002 م اكتشفـــت شـــركة (Daewoo Securities) أن ما قيمته 21.7 مليون دولاراً من الأسهم التي تديرها قد بيعت بصورة غير قانونية، وذلك بعد أن اختُرقت شبكة الحاسوب فيها([4]).
* قام موظف إحدى الشركات الروسية في ديسمبر 2003م باختراق نظام معلومات الشركة، ورفع راتبه الشهري ورواتب بعض زملائه ملحقا خسائر مالية بالشركة([5]).
* في أوائل عام 2004م تلقى أحد الأمريكيين رسالة بالبريد الإلكتروني من جهـــة انتحلت شخصيــة إحــدى الإدارات الفرعيــة في (eBay’s PayPal) وهي شركة مشهورة في سوق الإنترنت، وهذه الإدارة تقدم للمشتركين فيها خدمة سداد فواتير المشتريات عن طريق الإنترنت، ولكي تقوم بذلك تحتفظ بمعلومات معينة عن هؤلاء المشتركين. وفي تلك الرسالة طلب المنتحل من الشخص المستهدف أن يحدث بياناته الشخصية و إلا تعرض حسابه لديهم للتوقيف المؤقت، ولأجل تحديث بياناته أعطي رابطا (Link). و لما قام المستهدف بالنقر على الرابط لتحــــديث بيانـــاته أخــذه الرابــــــط إلى موقـــع يشبــــه موقــع (eBay’s PayPal)، فأدخل بياناته الشخصية التي منها اسمه الكامل ورقم بطاقته الائتمانية ورقم بطاقته السري ورقم حسابه في البنك ورقم هويته وتاريخ ميلاده ..الخ. والحقيقة أن ذلك الموقع لم يكن سوى غطاء لاستدراج الضحية لتقديم معلومات مهمة استخدمها الذين صمموا الموقع لشراء بضائع بقيمة 1200دولار من حساب ذلك المسكين. ولما تنبه لذلك قام بإشعار البنك لإيقاف العمل ببطاقته الائتمانية، وظن أن الأمر قد انتهى عند ذلك الحد، وما راعه إلا أن جاءته رسالة بعد أشهر قليلة من شركة تأمين السيارات التي يتعامل معها تشرح فيها الشركة سبب رفضها طلبه قرضا قدره 30,000 دولارا. وحقيقة الأمر أنه لم يطلب ذلك القرض بل طلبه أولئك الذين سرقوا معلوماته الشخصية عن طريق الإنترنت([6]).